تابع الاية الثالثة : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 3
بل ان العطاء الالهي للانسان يعطيه النعمة بمجرد أن يخلق في رحم أمه فيجد
رحما مستعدا لاستقباله وغذاء يكفيه طول مدة الحمل. فاذا خرج الى الدنيا يضع
الله في صدر أمه لبنا ينزل وقت أن يجوع ويمتنع وقت أن يشبع. وينتهي تماما
عندما تتوقف فترة الرضاعة. ويجد أبا وأما يوفران له مقومات حياته حتى
يستطيع أن يعول نفسه.. وكل هذا يحدث قبل ان يصل الانسان إلى مرحلة التكليف
وقبل أن يستطيع ان ينطق: {الحمد للَّهِ}.
وهكذا نرى أن النعمة تسبق
الْمُنْعَمَ عليه دائما.. فالانسانَ حيث يقول (الحمد لله) فلأن موجبات
الحمد وهي النعمة موجودة في الكون قبل الوجود الانساني.
والله سبحانه
وتعالى خلق لنا في هذا الكون أشياء تعطي الانسان بغير قدرة منه ودون خضوع
له، والانسان عاجز عن أن يقدم لنفسه هذه النعم التي يقدمها الحق تبارك
وتعالى له بلا جهد.
فالشمس تعطي الدفء والحياة للارض بلا مقابل وبلا فعل
من البشر، والمطر ينزل من السماء دون ان يكون لك جهد فيه أو قدرة على
إنزاله. والهواء موجود حولك في كل مكان تتنفس منه دون جهد منك ولا قدرة.
والأرض تعطيك الثمر بمجرد أن تبذر فيها الحب وتسقيه.. فالزرع ينبت بقدرة
الله.. والليل والنهار يتعاقبان حتى تستطيع أن تنام لترتاح، وأن تسعى
لحياتك.. لا أنت أتيت بضوء النهار، ولا أنت الذي صنعت ظلمة الليل، ولكنك
تأخذ الراحة في الليل والعمل في النهار بقدرة الله دون أن تفعل شيئا.
كل
هذه الاشياء لم يخلقها الانسان، ولكنه خلق ليجدها في الكون تعطيه بلا
مقابل ولا جهد منه. ألا تستحق أن نقول الحمد لله على نعمة تسخير الكون
لخدمة الانسان؟ إنها تقتضي وجوب الحمد.
Admin25/02/14, 12:31 pm