الاية الثالثة : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
إذن ففي الفاتحة تأتي {الرحمن الرحيم} بمعنى رحمة الله في ربوبيته لخلقه، فهو يمهل العاصي ويفتح ابواب التوبة لكل من يلجأ اليه.
وقد
جعل الله رحمته تسبق غضبه. وهذه رحمة تستوجب الشكر. فمعنى {الرحمن الرحيم}
في البسملة يختلف عنها في الفاتحة. فإذا انتقلنا بعد ذلك الي قوله تعالى:
{الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} فالله محمود لذاته ومحمود لصفاته، ومحمود
لنعمه، ومحمود لرحمته، ومحمود لمنهجه، ومحمود لقضائه، الله محمود قبل ان
يخلق من يحمده. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل الشكر له في كلمتين
اثنتين هما الحمد لله.
والعجيب أنك حين تشكر بشرا على جميل فعله تظل
ساعات وساعات.. تعد كلمات الشكر والثناء، وتحذف وتضيف وتأخذ رأي الناس. حتى
تصل الى قصيدة أو خطاب ملئ بالثناء والشكر. ولكن الله سبحانه وتعالى جلت
قدرته وعظمته نعمه لا تعد ولا تحصى، علمنا أن نشكره في كلمتين اثنتين هما:
الحمد لله.
ولعلنا نفهم ان المبالغة في الشكر للبشر مكروهة لأنها تصيب
الانسان بالغرور والنفاق وتزيد العاصي في معاصيه.. فلنقلل من الشكر والثناء
للبشر.. لأننا نشكر الله لعظيم نعمه علينا بكلمتين هما: الحمد لله، ومن
رحمة الله سبحانه وتعالى أنه علمنا صيغة الحمد. فلو أنه تركها دون أن
يحددها بكلمتين.. لكان من الصعب على البشر أن يجدوا الصيغة المناسبة
ليحمدوا الله على هذا الكمال الالهي.. فمهما أوتي الناس من بلاغة وقدرة على
التعبير. فهم عاجزون على أن يصلوا الى صيغة الحمد التي تليق بجلال
المنعم.. فكيف نحمد الله والعقل عاجز أن يدرك قدرته أو يحصي نعمه أو يحيط
برحمته؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانا صورة العجز البشري عن حمد
كمال الالوهية لله، فقال: (لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
Admin06/04/14, 01:48 pm