بدا جاسر فرحا مسرورا .. إنه يحمل معه شهاداته وأوراقة الخاصة
حتى يخطو خطواته الاولى فى عالم المحاماة.
لقد أمضى عامين فى مكتب أحد أشهر المحامين الذى كان ومازال
مثل أعلى بالنسبة إلية ,, يعلمة ,, يحنو علية
يسقية من خبراته الشاسعة ما أراد أن يسقية إياة حتى جاء
اليوم الذى أراد ان يحظى بكيان مستقل فى المحاماة ,,
ويعتمد على شخصة فى الأراء والاجتهاد وتجربة القوانين,,
إنها المسئولية يا رفاق .. عندها أنتهت فترة التدريب بنجاح وبدأ خطوته
الاولى فأنتقى إحدى المكاتب والتى تقع على احدى قوارع الطرق القابعة
فى أحد الشوارع الرئيسية وأخذ يجهزه بكل ما يملك من أموال
إنه حلم العمر الذى تمناه ,, فلا يبخل على نفسة فى ذلك جرة واحدة.
وبالفعل تمت جميع التجهيزات فى زمن قياسى ..إنه الدافع وحدة هو الذى
دفع به الى مثل ذلك الحماس.. وفى مدة وجيزة بدأ اول يوم فى مكتبه
الجديد ينتظر فرجة قريبة ولكن العمل فى حالة كساد لانه مكتب مغمور
إنها البداية التى لا يعلمها إلا الله ومرت الايام والحال على ما هو عليه.
تارة يتصفح كتب القانون مرة أخرى .. فيغالبه النعاس من طوق
الملل وتارة يمشى داخل طرقات المكتب ذهابا وإيابا فى توتر شديد .. لقد
أعد كل شئ ..المكتب نظيف ومرتب ,, الاضائة ناصعة البياض ,, المكتبة
مليئة بالكتب الضخمة والتى تكتظ منها القوانين ,, فظل يتنقل هنا وهناك
بين جنبات المكتب فى توتر شديد وتدور فى ذهنه بعض الافكار الهدامة
التى أشعرته أنه تسرع فى ذلك .. ولكنه بترها قائلا ماذا إذن ؟!
وفجأة .. رن جرس الهاتف فالتقطة بسرعة وإشتياق وكأنه صديق
قديم لم يره منذ عشرون عاما ..فوضع السماعة على أذنه ولكنه لم يصدق
تلك المفاجأة إنه أستاذه الجليل / أنور رشدى .
فتهللت أساريره وقال بسرور: أستاذى العزيز شرفتنى مكالمتك فى
مكتبى المتواضع.
- ظننت أنك مشغولا فى إحدى القضايا يا بنى .
فتحول وجه جاسر رويدا رويدا الى اليأس ثم قال: قضايا .. أى قضايا لم
أعمل بأى قضية حتى الان.. المكتب قارب على الاسبوعين ولم يأتى شئ.
- تأنى يا بنى فليس هناك وجه للاستعجال فالصبر واجب ويجب علينا تأديته.
فابتسم جاسر وانهى حديثه بعد فترة وجيزة فى لغو وتهانى وظل ينتظر.
وفى خلال يومان.. دلف علية رجلا بدينا ,,متسع الملابس .. يحمل بين
يدية حافظة أوراق .. فأبتسم جاسر إبتسامة ظافرة بالنصر وأجلسة
بترحيب شديد على أحد المقاعد الفوتيه ثم أخذ يتبادل معه أطراف الحديث.
وبعد ساعات أنتهت المقابلة بقبول جاسر القضية كأول بداية حقيقية له
فأخذ يبحث ,,, يدرس,,, ويدرس الى أن جاء يوم الجلسة فألتقط أوراقة
و ذهب مسرعا الى المحكمة لكى يؤدى مرافعته .
دلف القاضى الى القاعة الكبرى فى عجالة .. وأنتفض الجالسين من
أماكنهم لتحيتة,,, فالقائمة تشغى بالقضايا التى لم تبدأ بعد ,,,
فارتجف جاسر لأنه سوف يبدأ بالمرافعة ,, ولكنة تمالك أعصابه
بسرعة وتذكر كلمات أستاذه الجليل عندما كان يترافع امام إحدى
المحاكمات والذى كان بجوارة ,,, قريبا منه
وبعد فترة تمت المرافعة وأنتظر الحكم بعد المداولة.
محكمة,,,,
دوت تلك الكلمة بين أرجاء قاعة المحكمة تنبئ عن دقائق عصيبة
وقاطعة إنها لحظة الحكم ,,
الحكم الذى ينتظرة جميع الحاضرين بالقاعة .
المحامون , العامة , عساكر القفص .. وخاصة" المتهم"
إنها الاحتمالات التى تدور فى ذهنة .. تلك الاحتمالات أنبتت فى خلجات
نفسة بذور الشك.. يالها من معادلة صعبة ,, ومريرة,, وعنيفة
إنها أول جلسة يترافع فيها أمام المحكمة .. وفجأة وبدون مقدمات
دلف القاضى الى قاعة المحكمة وقبل أن يطلق الحكم ,,
إنتفض جاسر من مقعدة يهزة ذلك القابع بجوارة ,
إنه صديق عمره سامح .. فتأمل جاسر المكان برمتة فوجد نفسة داخل
قاعة المحاضرات.
والدكتور يحاضر المحاضرين ,,,
إنها الجامعة ,,,
إنها الكلية ,,,
إنه المدرج.
فتعجب جاسر من ذلك وابتسم إبتسامة عريضة لأنه فى السنة الرابعة
من كلية الحقوق ولم يجتاز كل ذلك إلا فى أحلامه وتأكد من أنه
متر إلا ربع,,
ولكنه تذكر كلمة أستاذه فى السنة الثالثة قائلا
"فالصبر واجب يجب علينا تأديته"
Admin06/04/14, 01:47 pm